بينما يستعد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد لإعادة صياغة الدستور بعد تعليقه للبرلمان الصيف الماضي، عرض على التونسيين “استشارة” وطنية متعددة الخيارات على الإنترنت قال إنها ستكون منطلقا رئيسيا في التعديلات الجوهرية التي ينوي إدخالها تحت شعار “السيادة للشعب”.
وقبل أسبوعين فقط من انتهاء الاستشارة أو استطلاع الرأي الذي أطلق مطلع العام الحالي، لم يشارك فيها سوى 276 ألف شخص وفقًا لموقع الاستشارة وسط اتهامات منتقدي سعيد بأنها مجرد مسرحية وواجهة لفرض مشروعه السياسي في خطوة جديدة تهدف لتكريس حكم الرجل الواحد.
وأقال سعيد البرلمان المنتخب في جويليا وقال إنه سيحكم بمراسيم. وفي ديسمبر أعلن أنه سيعين لجنة لإعادة كتابة الدستور بناء على استشارة مباشرة من الشعب وسيطرحه للاستفتاء في جوان على أن تنظم انتخابات برلمانية في نهاية العام الحالي.
وقال إن الشعب هو من سيقرر مصيره بنفسه بدلا من قوانين وُضعت على مقاس من كانوا في الحكم طيلة السنوات الماضية.
وبينما ينظر منتقدوه إلى تحركاته على أنها انقلاب يهدد الديمقراطية الناشئة التي انتصرت في ثورة 2011، فإنه يضعها في إطار إنهاء عقد من الركود السياسي والاقتصادي على أيدي نخبة فاسدة حكمت لتخدم مصالحها الذاتية على حساب الشعب.
وقال الرئيس في جانفي الماضي “مستقبل تونس في أيدي التونسيين ومشاركتهم المكثفة هي التي ستمهد الطريق لمرحلة جديدة في تاريخ تونس تقوم على الإرادة الشعبية الحقيقية وليس على الشرعية الوهمية”.
وقالت أحزاب ومنظمات إن الاستشارة لا يمكن أن تكون بديلا عن حوار لتقرير الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي تحتاجها البلاد للخروح من أزمتها الخانقة.
ويتهم بعض الأحزاب والمنظمات سعيد، الذي كان أستاذاً في القانون الدستوري قبل أن يدخل معترك السياسة، بالحكم المسبق على النتائج وبأنه لا يتطلع سوى لفرض مشروعه السياسي عبر الاستشارة.
وفي جانفي الماضي وبعد أسابيع فقط من اطلاق الاستشارة قال سعيد خلال مجلس للوزراء إنه من الواضح بالفعل أن الناس يريدون نظامًا رئاسيًا.
وبينما تقول أحزاب المعارضة إن الإقبال الضعيف يُظهر أن شعبية سعيد تتآكل، يرى مراقبون ومنظمات أن المشاركة الضئيلة التي لم تتجاوز خمسة بالمئة قد تعصف أصلا بمصداقية الاستشارة وتجعل اعتماد نتائجها مثار جدل واسع.
Post comments (0)