أكد وزير الخارجية نبيل عمّار، أن السياسة الخارجية والدبلوماسية التونسية “هي خط الدفاع الأول عن تونس والتونسيين”، وأن وزارتي الشؤون الخارجية والدفاع الوطني “وجهان لهدف واحد هو الدفاع عن مصالح الوطن واستقلاله”، داعيا الى ضرورة التنسيق بين أجهزة الدولة خدمة لوحدة الوطن ومصلحته العليا.
وفي محاضرته بعنوان “السياسة الخارجية التونسية: تكريس السيادة الوطنية ومناصرة القضايا العادلة”، التي القاها اليوم الثلاثاء بالمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بمنوبة، بمناسبة احياء اليوم الوطني للدبلوماسية يوم 3 ماي الجاري، والذي يوافق الذكرى 68 لإحداث وزارة الشؤون الخارجية التونسيّة، وصف الوزير الدبلوماسية التونسية ب “الديبلوماسية المناضلة”، مشددا على أنه “لا وجود قانوني للدولة دون سيادة واعتراف دولي بها، وأنه لا مبرر لأي تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد من اية جهة كانت”.
وشدد على أن تونس “لا تصطف وراء أحد مهما كان نفوذه وامكانياته”، وذلك بفضل دبلوماسيتها الناضجة والذكية والجدية والعقلانية والرصينة، التي بادر بارسائها القدماء والتي دخلت مرحلة جديدة في ظل التغيرات الكبيرة والسريعة التي يعيشها العالم وهو ما يقتضي التمسك بهذه المبادئ سالفة الذكر.
ولاحظ أنه “بقدر ما تكون السياسة الداخلية للبلاد متماسكة تكون السياسة الخارجية بدورها متماسكة”، معتبرا أن اختيارات الدبلوماسية التونسية كانت دائما صائبة ولم تنحرف عن مسارها كسياسة رصينة وجدية تدافع عن مصالح تونس وكرامة شعبها، سوى بعد الثورة “جرّاء إقامة علاقات غير عادية ومشبوهة مع أطراف أجنبية وليست بلدانا”، على حد قوله.
وأكد الوزير في المحاضرة التي واكبها السفير الفلسطيني بتونس هائل الفاهوم، أن السياسة الخارجية الناجحة “هي التي تبنى على مصالح البلاد وشعبها، وتتشبث بالمبادئ وتصطف الى جانب الحق دون مساومة”، على غرار القضية الفلسطينية العادلة، مشيرا الى بالنقلة التي وصفها ب “المشرفة” التي شهدتها السياسة الخارجية التونسية في السنوات الأخيرة والقائمة على علاقات الندّ بالندّ.
واعتبر أنه في ظل الظروف الحالية، “تظل السياسة الذكية أساسية لمواجهة لغة القوة التي تنتهجها بعض الدول”، مضيفا أن المرحلة الراهنة شهدت تقدم المجتمع الإنساني على المجتمع الدولي، حيث أصبح للرأي العام تأثير كبير على السياسات، مستشهدا بالتحركات الطلابية في أرجاء العالم المساندة للقضية الفلسطينية العادلة. كما أبرز أهمية الدبلوماسية الاقتصادية، التي قال “إنها تتطلب إرساء مناخ طيب وعلاقات جيدة مع كل الشركاء، وانتهاج سياسة عقلانية ذات بعد نظر لها القدرة على حماية نفسها من التدخلات الخارجية”، معتبرا أن بعض الدول “لا تدعم مصالح التونسيين جميعا، بل المصالح الضيقة لعدد محدود من العائلات التي تحظى بالدعم الخارجي”، حسب تعبيره، مشددا على أن “السلام لطالما كان شعار تونس التي لم تبن اقتصادها بالحروب والاستعمار”.
ودعا الوزير في ختام المحاضرة، الى ضرورة تطوير “مجال الذاكرة” لمزيد ربط الاجيال الجديدة والقادمة بتاريخ بلادهم، وحفظ الكنوز التي تزخر بها تونس كحضارة من أقدم الحضارات الانسانية، مع ضرورة تطوير أساليب التعريف بتونس وتاريخها وتطوير وسائل العمل عبر الرقمنة.
يشار الى أن رئيسة جامعة منوبة جهينة غريب، اقترحت خلال افتتاحها المحاضرة، انشاء “مركز دراسات في السياسات العمومية” ضمن شبكة المؤسسات البحثية الجامعية، لدعم نشاط المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، وتمكين طلبة الجغرا-سياسة والعلاقات الدولية (كاختصاص إجازة أحدثته جامعة منوبة بكلية الآداب والمدرسة العليا للتجارة)، من اعداد الماجستير في رحابه.
واستعرضت دور المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، المحدث منذ سنة 1989 ، في استرجاع جزء أساسي من ذاكرة تونس زمن الاستعمار، وتمكنه من استرجاع 3400 بكرة من اشرطة وثائق مصورة ، يمثل محتواها حوالي 5600 صندوق أرشيف، داعية وزارة الخارجية الى مزيد التعاون مع المعهد من اجل استكمال برنامج استرجاع كل ما يخص الذاكرة الوطنية.
Post comments (0)