لدى افتتاحها اليوم الدراسي حول “مؤسسة الزّواج في تونس: سبل الدعم والحماية”، أكّدت السيّدة آمال بلحاج موسى، وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، صباح اليوم الخميس 30 نوفمبر 2023، أنّ الوزارة فتحت باب نقاش علميّ عمومي بنّاء يشارك فيه أهل الاختصاص من مختلف المجالات لتبيان سُبُل تعزيز بناء مجتمعنا التّونسيّ وضمان مناعة الأسرة التونسية على وجه الخصوص من كلّ أشكال التّمييز والعنف والتّوتر والهشاشة عبر طرح إشكاليّات دقيقة وواضحة وتحديد أسبابها ورسم البرامج اللاّزمة للمعالجتها.
وبيّنت ضرورة فهم عدد من الإشكاليّات التي باتت تعرفها الأسرة التّونسية على غرار الارتفاع في نسب الطّلاق وهيمنة العنف الزّوجي وتواتره مقارنة ببقيّة أشكال العنف الموجّهة ضدّ المرأة وتأثير وسائل التّواصل الاجتماعي على العلاقات الأسريّة ومدى وعي مؤسّسات التّنشئة الاجتماعيّة الأوليّة من ذلك الأسرة والمدرسة وظاهرة التّدخين وتعاطي المخدّرات في صفوف اليافعين وبين الجنسين وغيرها.
واعتبرت أنّ أي فشل لمؤسّسة الزّواج له تداعياته السّلبيّة على سلوك الأطفال مثل استبطان العنف وغيره من السّلوكيّات المحفوفة بالمخاطر التي يعكسها عدد الإشعارات التي تلقّتها مكاتب مندوبي الطّفولة سنة 2022 البالغ عددها 22690 ويبلغ عدد إشعارات الخط الأخضر 1899 لسنة 2022 أكثر من 8000 إشعاراً منها 76% عنف زوجي.
وأكّدت مراهنة تونس ضمن سياساتها العموميّة والمخطّطات التّنموية والبرامج على كسب جملة من التّحدّيات وخاصّة منها المرتبطة بالتّحوّلات الدّيموغرافيّة على غرار ارتفاع مؤمّل الحياة إلى 76 سنة وتطوّر عدد الأسر إلى أكثر من 3 مليون أسرة سنة 2022، وانخفاض معدّل النّمو السّكاني البالغ 1.03% حسب آخر تعداد للسّكّان في 2014 وانخفاض المؤشّر التّأليفي للخصوبة من 2.4 طفل لكلّ امرأة في 2014 إلى 1.8 طفل لكلّ امرأة في 2021.
وذكّرت، في كلمتها خلال هذا اليوم الدراسيّ أنّ الوزارة وضعت سنة 2019 الاستراتيجيّة الوطنيّة لتطوير قطاع الأسرة، مُعلنة عن العمل على وضع استراتيجيّة ثانية حول الأسرة في أفق 2035 مرفقة بخطّة عمل خماسيّة تأكيدا تونس الثّابت بالعناية بالشّأن الأسري وتطوير المقاربات الوطنيّة الضّامنة لحماية الأسرة والنّهوض بأدوارها ودعم قدراتها في عالم متغيّر يتّسم بتحدّيّات معقّدة
واستعرضت التّوجّهات الاستراتيجيّة الحاليّة في مجال الأسرة من خلال تأهيل الأولياء ومساندتهم للقيام بأدوارهم داخل الأسرة عبر برنامج التّربية الوالديّة، وإحداث مراكز نموذجيّة للإرشاد والتّوجيه الأسري بولايات باجة وجندوبة وأريانة وتطاوين التي استهدفت حوالي 22 ألف أسرة، إلى جانب تنفيذ برنامج وطنيّ للتّمكين الاجتماعي للأسر في 18 ولاية واستفاد منه حوالي 68 ألف أسرة وتمكين 2767 أسرة التي تعيش هشاشة اقتصاديّة من موارد رزق لتعزيز صمودها الاقتصادي للاضطلاع بأدوارها الاجتماعيّة على أكمل وجه.
كما أكّدت الوزيرة المراهنة على آليّة تأهيل الشّباب للحياة الزّوجيّة باعتبارها آليّة تساهم عمليّا في تعزيز قدرات الشّباب المقبل على الزّواج وتنميتها لخوض تجربة الزّواج بعيدا عن الإشكاليّات التي يمكن أن تؤدّي لانهيار مؤسّسة الزّواج.
من جانبها، أكّدت السيّدة ليلى جفال، وزيرة العدل في كلمة ألقتها نيابة عنها السيّدة إيمان معاوية مكلفة بمأموريّة بديوان وزيرة العدل، أنّها تولي الجوانب المتعلقّة بالأسرة في العمل القضائي الأهميّة اللازمة نظرا لأن التماسك الأسريّ هو أحد أهم السبل الكفيلة للحد من الظواهر الإجتماعيّة التي توثر سلبا على إستقرار المجتمع.
وأفادت أن وزارة العدل تحرص على تبني رؤية ترتكز على مفهوم الأسرة ومراعاة عناصر التماسك الأسري وحفظ الروابط الأسريّة من التصدّع عند مباشرة القضايا الشخصيّة واتخاذ القرارات الفوريّة، مشيرة إلى التعاطي مع ملفات طلب حضانة الأبناء القصّر معتمدة على المحتوى التدريبي والبرامج التكوينيّة المقدّمة للملحقين القضائيين في إطار التكوين الأساسي بالمعهد الأعلى للقضاء وللقضاة المباشرين في إطار التكوين المستمر والدورات التدريبيّة المبرمجة لفائدتهم.
واستعرضت في السياق ذاته أن عدد الأحكام الصادرة في الطلاق قد شهدا ارتفاعا حيث بلغت 14706 حكما صادرا في السنة القضائيّة 2021-2022 ، مقابل 12598 حكما في السنة القضائيّة 2020-2021 و 13302 حكما في السنة القضائية 2019- 2020.
وأشارت إلى أن عدد الأحكام الصادرة بالطلاق بالتراضي في السنة القضائيّة 2021- 2022 هو الأعلى من اجماليّ عدد الأحكام حيث بلغ 5708 حكما تليه أحكام الطلاق إنشاء من الزوج والذي بلغ 4199 حكما مقابل 3399 حكم طلاق صادر بموجب رغبة صادرة عن الزوجة، أما العدد الأدنى لأحكام الطلاق هو المتعلّق بأحكام الطلاق للضرر الذي بلغ في مجمله 1300 حكما موزّعين بين 667 حكما صادرا من الزوجة و 633 حكما صادرا من الزوجة.
وأفادت أن وزارة العدل قد حرصت في إطار إدراج مقاربة النوع الإجتماعي في المنظومة العدليّة لضمان نفاذ جميع النساء وخاصة المعنّفات منهنّ إلى العدالة والإرشاد القضائي بالمحاكم بما يضمن تعريفهنّ بحقوقهنّ وتوفير الحماية القانونيّة لفائدتهنّ.
وأكّد السيّد محمد الدوعاجي، الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، أنّ البرنامج الوطني للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة يهدف إلى تثمين المكاسب وتطوير المقاربات والبرامج الرامية إلى دعم مؤسسة الزواج من خلال خدمات الإعلام والتثقيف والاتصال والخدمات الطبية التي تقدمها مختلف المندوبيات الجهوية التي تكتسي في مجملها طابعا وقائيا.
وأضاف أنّ الخدمات تشمل الاستشارة الطبية السابقة للزواج لفائدة المقبلين على الزواج والنفاذ العادل والشامل لخدمات تنظيم الأسرة والصحة الجنسية والإنجابية ومساعدة الأزواج على اتخاذ القرار بشأن توقيت الإنجاب وعدد الأطفال وتفادي الحمل غير المرغوب فيه والتأثيرات الجانبية على صحة المرأة، وتوفير الديوان خدمة الأمومة الآمنة التي تقوم على تقديم الاستشارة الطبية للمرأة في الأسابيع الست الأولى بعد الولادة حول سلامتها الجسدية وعلاقتها بمولودها خاصة الحرص على الرضاعة الطبيعية، مشيرا إلى إحداث 21 فضاء صديق الشباب من خلال تأمين جملة من الخدمات الإعلامية والتثقيفية والإحاطة النفسية والطبية للشباب والمراهقين من الجنسين لحمايتهم من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر على غرار الأمراض المنقولة جنسيا والسيدا ومن الإدمان والسلوك العنيف لما لها من تداعيات سلبية على تكوين أسرة متوازنة مستقبلا.
كما بيّن دور الديوان في مجال التعهد بالنساء والأطفال ضحايا العنف من خلال توفير عيادات الإحاطة النفسية والتوجيه كما يقوم بتنظيم حلقات للتوعية والتثقيف حول نبذ العنف المبني على النوع الاجتماعي وتشجيع الحوار داخل الأسرة.
من جهتها، أكّدت السيّدة عواطف الدالي المديرة العامّة لمؤسسة التلفزة التونسية، مسؤوليّة الإعلام في تمرير مادّة إعلاميّة لا تمثّل إحراجا لأفراد الأسرة التونسيّة، معتبرة أنّه يتمّ التعامل بحذر مع المشاهد التي تتضمّن عنفا مسلّطا على المرأة في الأعمال الدراميّة ليس للحدّ من حريّة التعبير بل للحفاظ على كيان الأسرة والحفاظ على مكانة المرأة.
كما أضافت، في السياق ذاته، أنّه يتمّ التدقيق في الأعمال الموجّهة للأطفال لثلاثة أشهر على الأقلّ لضمان سلامة المعلومة والصورة الموجّهة للطفل.
وختمت كلمتها مشيرة إلى أنّ الأسرة التونسيّة تقبل على الإنتاج الدرامي التونسيّ وتبذل التلفزة جهدًا وتمارس وعيًا مخصوصًا كي يتمّ ضمان تمرير صورة لا تسهم في إنتاج القيم السلبيّة.
Post comments (0)