عقدت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة جلسة اليوم الخميس 22 فيفري 2024 استمعت في الحصة الصباحية منها إلى ممثلين عن وزارة المالية بخصوص مقترح القانون الأساسي المتعلق بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية.
وبين رئيس اللجنة في البداية أن اللجنة قررت الاستماع لمختلف الأطراف ذات العلاقة بالشأن الصحي ومن بينها وزارة المالية التي يمكنها إثراء أعمال اللجنة لاسيما في الجوانب المتعلقة بأنظمة التأمين على أخطاء مهنيي الصحة ودفع التعويضات للمنتفعين بالخدمات الصحية في حال حصول أضرار.
وثمّن السيد نبيل السقا المدير العام بالهيئة العامة للتصرف في ميزانية الدولة مبادرة اللجنة بإتاحة الفرصة لوزارة المالية لتقديم ملاحظاتها بخصوص مقترح قانون على غاية من الأهمية باعتبار أن لهذه الوزارة سلطة إشراف ورقابة على قطاع التأمين وذلك عبر الهيئة العامة للتأمين إلى جانب صلاحيتها في إبداء الرأي في مختلف النصوص ذات العلاقة بقطاع التأمين سواء التشريعية منها أو الترتيبية.
كما بيّن أن التأمين على المسؤولية الطبية لا يختلف في جوهره عن باقي أنواع التأمين على المسؤولية المدنية كما ضبطتها النصوص التشريعية والترتيبية الجاري بها العمل ومنها بالخصوص مجلة التأمين. واضاف انه بإمكان اللجنة الاختيار بين فرضيات متنوعة أهمها إنشاء صندوق خاص بالتأمين على الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية أو ترك الأمر للعلاقات التعاقدية لمهنيي الصحة والمؤسسات الصحية مع شركات التأمين.
وتباينت مواقف النواب حول هذا الموضوع حيث تمسّك عدد من المتدخلين بضرورة اعتماد الخيار الثاني باعتبار أن إنشاء صندوق خاص يطرح مشكلة في إيجاد التمويلات اللازمة له إضافة الى الجهة التي سيعهد لها صفة امر صرف الصندوق، وفي المقابل تمسك البعض بأن إحداث صندوق خاص يبقى مسألة ضرورية في جميع الحالات بغاية ضمان حقوق المنتفع بالخدمة الصحية عند حصول ضرر له من مهني صحة أو مؤسسة صحية غير مؤمنة. كما أن هذا الصندوق ضروري لضمان حقوق المتضررين من الحوادث الطبية والتي من المرجح أن تبقى مستثناة من الضمان في إطار العلاقات التعاقدية ويتعين تأمينها في إطار هيكل ذي طبيعة تضامنية وذلك على غرار صندوق ضمان ضحايا حوادث المرور.
كما تساءل أعضاء اللجنة حول عدة جوانب فنية دقيقة تتعلق بعقود التأمين التي يتعين إبرامها من قبل الهياكل الصحية العمومية في ظل ضغوطات المالية العمومية وضعف الإمكانيات المادية لهذه الهياكل.
وقد أجاب ممثلو وزارة المالية بأن المؤسسات العمومية للصحة تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال الإداري والمالي وبإمكانها اكتتاب عقود التأمين اللازمة وتحمل تبعات الإخلال بهذا الواجب القانوني في صورة حصول ضرر.
أما الهياكل الصحية الأخرى على غرار المستشفيات الجهوية أو مجامع الصحة الأساسية فإن وزارة المالية تقوم حاليا بترسيم مبالغ سنوية تخصص للتعويضات المحكوم بها للمتضررين من الخدمات المقدمة من هذه الهياكل ويمكن استبدال ذلك بتكفل الدولة بأقساط التأمين المستوجبة بدلا عنها بشرط ألا يؤدي ذلك إلى أعباء إضافية كبيرة على ميزانية الدولة.
وبيّن ممثلو الوزارة أن عقود التأمين هي شكل من أشكال عقود الإذعان ويتعين بالتالي تضمين القانون ونصوصه التطبيقية عدة مقتضيات إلزامية غايتها توفير حماية دنيا لفائدة المؤمن لهم مثل إلزامية التغطية التأمينية حتى لا يصطدم المعنيون برفض التعاقد كليا أو جزئيا من قبل شركات التأمين وتقييد الحرية التعاقدية للطرفين بخصوص الاستثناءات من الضمان وضبط معايير التعويض بدقة إلى جانب التنصيص بخصوص كل واجب قانوني يفرضه النص على العقوبة المستوجبة في حال الإخلال به.
وخلال الحصة المسائية استمعت اللجنة إلى السيد حسان الفقي رئيس الجامعة التونسية لشركات التأمين الذي كان مرفوقا بممثلين عن الجامعة، والذي اكد 88 ضرورة أن يتضمن هذا المقترح إلزامية قيام مهنيي الصحة بالتأمين على مسؤوليتهم بخصوص الأخطاء الطبية التي قد يرتكبونها أثناء قيامهم بمهامهم أو بمناسبتها. كما اعتبر ان الحوادث الطبية لا تدخل في مجال التأمين على المسؤولية، داعين في هذا الصدد إلى الاكتفاء بذكرها ضمن تعريف المفاهيم لتمييزها عن الأخطاء الطبية ، حيث ان شركات التأمين لا تتكفل بالحادث الطبي على غرار ما هو معمول به جل القوانين المقارنة لأن طبيعة هذه الحوادث تجعلها غير قابلة للتقدير المسبق واقترحوا إحداث صندوق خاص بالتعويض عن الحوادث الطبية في اطار التضامن الوطني.
وفي ذات السياق اكد رئيس اللجنة أن الإصابات بالعدوى الناتجة عن الإقامة بالمستشفى تعد خطأ طبيا يستوجب التعويض.
وقد تفاعل ممثلو الجامعة العامة للتامين إيجابيا مع هذا التوجه واكدوا ان شركات التامين تستجيب لهذا المطلب وتكون بالتالي الاضرار الناتجة عنها تدخل ضمن بنود عقد التأمين على الأخطاء الطبية.
ومن جهة أخرى أوضحوا أن شركات التأمين لا يمكنها رفض عقد تأمين لأنها تخضع لمقتضيات مجلة التأمين التي تضع العديد من الحلول في صورة وجود اشكال معين يخص تأمين مسألة ما، بالإضافة إلى أن هذه الشركات تخضع لهياكل رقابة ومن ضمنها وزارة المالية.
كما تم التعرض إلى ضرورة حذف التفرقة بين القطاع العام والقطاع الخاص من هذا المقترح واستبدالها بأحكام عامة تفرض التأمين على الأخطاء الطبية في كلّ من القطاعين، وقد أوضح رئيس اللجنة في هذه النقطة أن توجه اللجنة الحالي في اتجاه تعميم التأمين على كلّ المؤسسات والهياكل الاستشفائية العمومية والخاصة.
واكد ممثلو الجامعة ضرورة وضع معايير واضحة للتعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب الأخطاء الطبية، داعين إلى اعتماد نظام الجدولة مثلما هو معمول به بالنسبة لحوادث المرور مع تشريك الهيئة في إصدار النصوص الترتيبية الخاصة بذلك.
Post comments (0)