ألقت اليوم الأربعاء 04 أكتوبر 2023، السيّدة سارة الزعفراني الزنزري وزيرة التجهيز والإسكان، كلمة خلال افتتاح الصالون المتوسطي للبناء MEDIBAT 2023 في دورته السابعة عشر والمشاركة في منتدى ريادة الأعمال تحت عنوان ” بادر من أجل البناء المستدام”، وذلك بحضور السيّد خوسيه رودريغ نغوونيمبا Josué Rodrigue NGOUONIMBA وزير البناء والإعمار والإسكان بجمهورية الكونغو برازافيل والوفد المرافق له وعدد من الرؤساء المديرين العامين والمديرين العامين المساعدين والإطارات بالمنشآت العمومية تحت إشراف وزارة التجهيز والإسكان وعدد من المسؤولين من الوزارة والسلط الجهوية وثلة من الخبراء والمهنيين المتدخلين في قطاع البناء والوفود الأجنبية والإفريقية.
وفي مستهل كلمتها توجهت السيّدة سارة الزعفراني الزنزري وزيرة التجهيز والإسكان بالشكر إلى غرفة التجارة والصناعة لصفاقس على حسن التنظيم وعلى كل المجهودات المبذولة من أجل إنجاح هذه التظاهرة الاقتصادية الدولية على امتداد دوراتها لتحتل مكانة عالمية متميزة، كما توجهت بالشكر إلى كل الشركاء الذين ساهموا في إنجاح هذه التظاهرة.
وبينت السيّدة الوزيرة بالمناسبة، أنه في إطار محور هذا المنتدى وإيمانا بالدور الهام للبناء المستدام على المدى القريب والمتوسط والبعيد وانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية واقتناعا بأهمية المشاركة الفاعلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي يمثل البناء المستدام أحد أوجهها، اتخذت الدولة التونسية، من خلال وزارة التجهيز والإسكان باعتبارها الهيكل الأساسي لإنجاز مشاريع البناء و الأشغال العمومية، مجموعة من الإجراءات التي تم اعتمادها مباشرة. وبالتوازي، تحرص الوزارة على برمجة تهيئة عمرانية لمختلف المناطق بكامل الولايات، منظمة وخاضعة للاستدامة على المستوى الاقتصادي والمجتمعي والبيئي باعتبارها الأساس للحصول على مدن خضراء.
وذكرت في هذا الخصوص، بالتزام الدولة التونسية بمخرجات مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين من خلال التوقيع على اتفاق باريس وبمشاركتها في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في غلاسكو الذي يؤكد التزامها بالبناء المستدام. كما أن تقرير المساهمة المحددة وطنيا لشهر أكتوبر 2021 الذي خطط لرفع طموحات تونس في مجال التخفيف من انبعاثات الغاز، من خلال زيادة هدف خفض كثافة الكربون الوطنية إلى 45% بحلول سنة 2030، مقارنة بمستواها في عام 2010، يعتبر تحديا آخر تعهدنا به.
وأشارت إلى أن وزارة التجهيز والإسكان عضوة بالتحالف العالمي للمباني والتشييد “Global ABC” (شراكة بين الحكومات الوطنية والمحلية والمنظمات الحكومية الدولية والشركات والجمعيات) والتي تعمل في مجال البناء للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري، في أفق سنة 2050.
ومن هذا المنطلق حرصت وزارة التجهيز والإسكان على إيلاء الأهمّية القصوى لمختلف التقنيات الحديثة و استغلال الطاقات البديلة و المتجددة كالطاقة الشمسية و المائية في المشاريع العمومية واستعمال المستجدات التقنية والفنّية في تصميم البنايات الراجعة إليها بالنظر حيث شاركت في إعداد مختلف النصوص الترتيبية المتعلّقة بالتحكم في الطاقة في البنايات ومن أهمّها القرار المشترك بين وزيرة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابيّة ووزير الصناعة والطاقة والمؤسّسات الصغرى والمتوسّطة الصادر بتاريخ 23 جويلية 2008 والمتعلّق بضبط الخاصيّات الفنيّة الدنيا التي تهدف إلى الاقتصاد في الطاقة في مشاريع تشييد وتوسعة المباني المعدة للمكاتب أو ما يماثلها.
وفي إطار ترشيد استهلاك الطاقة في ميدان البناء والأشغال العمومية باعتبار تضخم أسعار المحروقات على المستوى العالمي، تمت إضافة عدد من المعايير المتعلقة بالمحافظة على البيئة والتحكم في الطاقة والجودة ضمن الكراسات المرجعية لاختيار المهندسين المستشارين ومكاتب الدراسات والمهندسين المعماريين على مستوى المؤهلات والمراجع وإدراج بنود تتعلق بالمحافظة على البيئة والتحكم في الطاقة بكراسات شروط صفقات الأشغال.
حيث يتم الأخذ بعين الاعتبار ترشيد استهلاك الطاقة، بالنسبة لكل مشروع من مشاريع البنايات المدنية في مختلف مراحله بداية من البرنامج الوظيفي وعند إجراء المناظرة المعمارية وإنجاز الدراسات التمهيدية الموجزة والدراسات النّهائيّة وإعداد ملفّات طلب العروض و إنجاز الأشغال إلى مرحلة تسليم المشروع لصاحب المنشأ و حثه على القيام بعمليّات الصيانة اللازمة للتجهيزات الفنية.
هذا وتعمل وزارة التجهيز والإسكان على إنجاز مشاريع تستجيب لشروط البناء المستدام كما تم التنصيص على ذلك بالأمر الحكومي عدد 967 لسنة 2017 المؤرخ في 31 جويلية 2017 المتعلق بتنظيم إنجاز البنايات المدنية
كما تم تحيين القرارات المتعلقة بالتصنيف والتقنين الحراري الخاصة بالمباني المعدة للمكاتب أو ما يماثلها والمباني المعدة للسكن وذلك بتوسيع مجال تطبيق التقنين الحراري وتحسين التصنيف الطاقي الأدنى من خلال:
● مراجعة قرار وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية ووزير الصناعة والتكنولوجيا المؤرخ في 23 جويلية 2008 والمتعلق بضبط الخاصيات الفنية الدنيا التي تهدف إلى الاقتصاد في الطاقة في مشاريع تشييد وتوسعة المباني المعدة للمكاتب أو ما يماثلها.
● قرار مشترك بين وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية ووزير الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة المؤرخ في1 جوان2009 المتعلق بضبط الخاصيات الفنية الدنيا التي تهدف إلى الإقتصاد في الطاقة في مشاريع تشييد وتوسعة المباني المعدة للسكن.
وأشارت إلى أن هذين القرارين حاليا في طور إجراءات النشر، كما تم اقتراح نصوص ترتيبية للتقنين الحراري بخصوص المباني الصحية والنزل وتم إدراج معيار يتعلق بالمقتضيات الفنّية الخاصّة بالتحكّم في الطاقة في مجالي النجاعة في استعمال الطاقة والطاقات المتجدّدة وبالاقتصاد في الماء وبالمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة والحدّ من انعكاسات التغيرات المناخيّة ضمن معايير اختيار المصمّمين في مشروع تنقيح قرار وزير التجهيز والإسكان المؤرخ في 26 نوفمبر 1991.
وأضافت أنه في هذا الاطار، تم إستعمال الأنظمة الشمسية الفولطا-ضوئية( les photovoltaïques ) للتنوير العمومي على الطرقات المرقمة وذلك بتركيز 780 نقطة للإضاءة الفوطوفولطائية بكلفة تناهز 6.3 مليون دينار. وإنجاز برنامج لمعالجة النقاط السوداء في إطار السلامة المرورية و ذلك بتركيز 2313 نقطة للإضاءة الفوطوفولطائية بـ 24 ولاية بكلفة تناهز 9 مليون دينار.
وفي شهر جانفي 2023، تم اعداد دليل توجيهي لمصنعي المواد و مستعملي التقنيات الحديثة في قطاع البناء يحدد مسار الحصول على رأي فني أو شهائد مطابقة، وهذا الدليل موجود على موقع واب الوزارة.
وفيما يخص تخزين مياه الأمطار والإقتصاد في الماء
فقد تم إدراج مكون متعلق ببناء خزانات لتجميع مياه الأمطار في مشاريع البنايات المدنية و ذلك من خلال إصدار وزارة التجهيز والإسكان سنة 2018، للأمر الحكومي عدد 171 لسنة 2018 المؤرخ في 19 فيفري 2018 المتعلق بسن بعض التراتيب العامة للبناء المتعلقة بتجهيز البنايات بخزانات لتجميع وخزن مياه الأمطار المجمعة من أسطح البنايات غير المتاحة. كما تم تنقيحه بالأمر الحكومي عدد 1194 لسنة 2019 المؤرخ في 19 ديسمبر 2019 وذلك بالنسبة لجميع مشاريع البنايات المدنية والسياحية والترفيهية والصناعية واللوجستية والخدماتية والتجارية الكبرى والتجهيزات والمآوي ذات الطوابق والسكن.
كما تم تنقيح جميع القرارات المتعلّقة بإسناد رخص البناء والتقاسيم ومختلف أمثلة التهيئة العمرانية وذلك بإضافة إجبارية اتخاذ التدابير الهادفة لترشيد استعمال الماء والتحكم في الطاقة وتجميع مياه الأمطار ضمن خزانات مضبوطة الشروط الفنية بالأمر الحكومي عدد 171 لسنة 2018. حيث لا يتم إسناد رخصة بناء إلاّ إذا تضمنت التصاميم عنصر تخزين المياه. وتحرص الإدارة على مراقبة التنفيذ من خلال تصميم الإنجاز وأمثلة التطابقplans de recollement
وبطلب من وزارة التجهيز والإسكان، تم بقانون المالية لسنة 2023 إدراج إجراءات تهدف للمحافظة على الموارد المائية (الفصل 28) تتمثل في تخصيص اعتماد قدره 2 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني لتحسين السكن الراجع بالنظر لوزارة التجهيز والإسكان لإسناد قروض دون فائدة تصل قيمتها لـــ 20 ألف دينار للقرض الواحد لتمويل انجاز مواجل لتخزين مياه الأمطار وذلك خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي إلى 31 ديسمبر 2023 ويتم تسديدها على مدة أقصاها 7 سنوات.
وأوضحت السيدة وزيرة التجهيز والإسكان الى أن كل هذه الإجراءات تهدف إلى إنجاز مشاريع عمومية مستدامة ومحافظة للبيئة والطاقة و الماء، إذ يعتبر قطاع التشييد والبناء والبنية التحتية من أكثر القطاعات المستهلكة للطاقة كما أنّ أزمة الطاقة التي تعيشها معظم دول العالم، أضحت دافعا آخر لاستخدام الطاقات المتجددة والنظيفة خاصة في ظلّ التغيرات المناخية واختلال الأنظمة وتدهور الوضع البيئي عموما مما يتطلب تظافر جهود الجميع من أجل اكتساب قدرة أكبر على الصمود في مواجهة تأثير التغيرات المناخية، والتوجه نحو اقتصاد منخفض الكربون في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا الإطار انطلقت تونس في إعداد بعض السياسات العمومية القطاعية نذكر منها الاستراتيجية الطاقية التونسية في أفق سنة 2035، والسياسة الحضرية الوطنية.
وبالنظر إلى التحديات التي تواجهها بلادنا حول الموضوع، تعمل وزارة التجهيز والاسكان على إعادة ديناميكية قطاع البناء الذي يوفر أكثر من 400 ألف موطن شغل مباشر، وذلك عبر التوجه نحو البناء المستدام الايكولوجي والأخضر الصديق للبيئة، والذي يعتبر الحل الأمثل للمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والمتوازنة.
وفي إطار استراتيجية وزارة التجهيز والإسكان الرامية إلى ترشيد استهلاك الطاقة وتشجيع كل المبادرات الداعمة لها وفي إطار دعم الاقتصاد الدائري وتعزيز البناء المستدام، انطلقت الوزارة في تجربة نموذجية تتعلق بتهيئة جزء من الطريق الوطنية رقم 3 بولاية بن عروس و ذلك برسكلة نفايات الهدم والبناء وإعادة استعمالها في بناء الطرقات ومقارنتها مع التقنيات الكلاسيكية الجاري اعتمادها على مستوى المشاريع الطرقية.
كما تشرف الوكالة العقارية للسكنى التابعة لوزارة التجهيز والإسكان على مشروع الحي الايكولوجي الذي انطلقت في إعداد تصور لإنجازه باعتماد تقنيات تثمين الموارد الطبيعية المتواجدة بالمواقع المعنية و رسكلة وتثمين النفايات والمياه المستعملة في مقاربة تشاركية مع المتساكنين والبلديات. وقد تمت برمجة تنفيذ حي نموذجي ايكولوجي على مساحة 73 هك في إطار المثال التفصيلي للمشروع العمراني “حدائق تونس” وذلك بعد إتمام الدّراسة.
وأضافت أن وزارة التجهيز والإسكان تعمل في المستقبل على تعميم هذه التجربة في عديد المشاريع المستقبلية اعتبارا للدّور الموكول لوزارة التجهيز والإسكان بخصوص توفير إطار عيش لائق لكافة المتساكنين بوضع سياسات واستراتيجيات وطنية تهدف الى تحسين جودة حياة المواطن وتحقيق الاستدامة.
وإضافة إلى تطوير طرق العمل ومواكبة التقنيات الحديثة على غرار ما تم تقديمه بالنسبة للبناء المستدام، تعمل وزارة التجهيز والإسكان أيضا على تطوير الآليات والبرامج فيما يتعلق بتوفير السكن اللائق للفئات الاجتماعية متوسطة ومحدودة الدخل. وقد اتخذت الوزارة عديد الإجراءات في مجال السكن، بالنسبة للبرامج التالية:
1- صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء حيث مكنت هذه الآلية منذ إحداث الصندوق سنة 1977 من تمويل ما يقارب 65 ألف مسكن عن طريق قروض ميسرة لتمويل اقتناء مساكن أو مقاسم أو بناء ذاتي و تم التيسير في شروط الحصول على قروض من هذا الصندوق و توسعة دائرة الفئات المنتفعة و ذلك من خلال إدخال تنقيح على الأمر الحكومي عدد 1126 لسنة 2016 المؤرخ في 18 أوت 2016 و إصدار الأمر عدد 127 لسنة 2023 المؤرخ في 10 فيفري حتى تتمكن الفئات المعنية من اقتناء قطعة أرض أو بناء أو توسعة او اقتناء مسكن بشروط ميسرة.
2- البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي الذي تمّ الشروع في إنجازه منذ سنة 2012 وهو برنامج موجه للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل بمكوناته الاثنين:
– الأول: إزالة المساكن البدائية وتعويضها بمساكن جديدة أو ترميمها أو توسعتها ويهم تعويض حوالي 10 آلاف مسكن بدائي من أجل تثبيت المواطنين في مناطقهم والحد من ظاهرة النزوح وبالتالي التقليص من ظهور أحياء عشوائية جديدة في ضواحي المدن الكبرى
– والثاني: إنجاز وتوفير مشاريع مساكن و مقاسم اجتماعية في حدود 20 ألف مسكن ومقسم.
3- برنامج المسكن الأول: الذي تمّ إحداثه سنة 2017 لتمكين العائلات متوسطة الدخل من تمويل اقتناء مساكن منجزة من قبل الباعثين العقاريين أو الخواص بقروض ميسرة لتغطية مبالغ التمويل الذاتي (بنسبة فائدة لا تتجاوز 2 %)
4-صندوق ضمان القروض المسندة للفئات الاجتماعية من ذوي الدخل غير القار: الذي تمّ إحداثه سنة 2017 ويهدف إلى تمكين هذه الفئة الاجتماعية من قروض بنكية لتمويل مساكنهم بضمان من الصندوق.
وفي ختام كلمتها جددت السيدة الوزيرة شكرها لكل من ساهم في فعاليات هذا الصالون الذي يعتبر فرصة حقيقية للتباحث والتشاور وتبادل المعلومات والتقنيات الحديثة والتجارب فيما يتعلق بالبناء المستدام وتقديم مقترحات حـول التحديات المطروحة على هذا القطاع .
Post comments (0)