تطابق مع وظائف المخ الحيواني
أثبتت خوارزميات “التعلم الذاتي” للآلات نجاحا هائلا في تعلم اللغات البشرية، ومؤخرا نجحت في التعرف على الصور والتمييز بينها.
وفي دراسة حديثة، أظهرت النماذج الحسابية التي أنشئت لتكون قريبة من الأنظمة المرئية والسمعية للثدييات وصممت باستخدام نماذج التعلم تحت الإشراف الذاتي لبرامج الذكاء الاصطناعي، تطابقا أوثق مع وظائف الدماغ مقارنة بنظرائهم من ذوي التعلم الخاضع للإشراف البشري.
وبالنسبة لبعض علماء الأعصاب، يبدو أن الشبكات الاصطناعية بدأت في الكشف عن بعض الأساليب الفعلية التي تستخدمها أدمغة البشر والحيوانات للتعلم.
وطوّر علماء الأعصاب نماذج حاسوبية بسيطة لنظام بصري باستخدام الشبكات العصبية الآلية عندما عُرضت الصور نفسها على القرود في مقابل الشبكات العصبية الاصطناعية.
على سبيل المثال، أظهر نشاط الخلايا العصبية الحقيقية والخلايا العصبية الاصطناعية مراسلات مثيرة للاهتمام تكاد تتشابه إلى حد كبير، بل إنه في إحدى المرات اكتشف العلماء وجود نماذج من الاتصالات بين الآلات كانت تحاول الكشف عن الأصوات والروائح.
ومن خلال التجارب المتكررة والنجاح والخطأ لبرامج الذكاء الاصطناعي والشبكات الآلية العصبية المتصلة، بدأ العلماء يرون نموذجا فريدا للتعلم يقترب من الأسلوب البشري.
في هذا السياق، يقول بليك ريتشاردز عالم الأعصاب الحاسوبي بمعهد الذكاء الاصطناعي في كيبيك (AI Cebic institute): “أعتقد أنه ليس هناك شك في أن 90% مما يفعله الدماغ هو التعلم بالإشراف الذاتي”.
والأدمغة تتعلم من أخطائها من تلقاء نفسها أيضًا، فقط جزء صغير من ردود فعل دماغنا تأتي من مصدر خارجي يخبرنا بأن الإجابة خاطئة.
نتائج متقاربة
ابتكر ريتشاردز وفريقه نموذجًا خاضعا للإشراف الذاتي للآلات يساعد في منحها إجابة عن تساؤلات مختلفة، إذ قاموا بتدريب ذكاء اصطناعي يجمع بين شبكتين عصبيتين مختلفتين: الأولى، تسمى شبكة ريس نت (ResNet)، وصممت لمعالجة الصور. ويمكن للشبكة الثانية المعروفة باسم الشبكة المتكررة (recurrent network)، أن تركز على الأشياء المتحركة.
ووجد فريق ريتشاردز أن الذكاء الاصطناعي الذي تم تدريبه باستخدام شبكة ريس نت كان جيدًا في التعرف على الأشياء، ولكن ليس في تصنيف الحركة.
ولكن عندما قاموا بتقسيم شبكة الاتصالات إلى قسمين، أدى ذلك إلى إنشاء مسارين (دون تغيير العدد الإجمالي للخلايا العصبية)، طور الذكاء الاصطناعي قسما للتعرف على الأشياء الثابتة وآخر للمتحركة، مما يتيح له التصنيف النهائي للمشاهد التي تعرض عليه، وهو ما يرجح العلماء أنه الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا البشرية.
لاختبار الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر، عرض الفريق البحثي على الشبكة العصبية الاصطناعية وعلى مجموعة من الفئران عددا من مقاطع الفيديو. الجدير بالذكر أن أدمغة الفئران تتمتع بمناطق دماغية متخصصة في الصور الثابتة وأخرى لتلك التي تتسم بالحركة.
وفي النهاية، أكد العلماء أن الدماغ البشري أو الحيواني مليء بوصلات ما يسمى التغذية الراجعة (feedback connections)، في حين أن النماذج الحالية من الذكاء الاصطناعي لديها القليل للغاية من هذه الروابط -إن وجدت- وهي مسألة شديدة الحسم في مدى تطور برامج الذكاء الاصطناعي وتعد أحد أهم العوامل المميزة للمخ البشري.
Post comments (0)