يعد الإجهاد أو التوتر جزءًا طبيعيًّا من الحياة، وقد يكون ناتجاً عن عوامل بيئية أو جسمية أو فكرية، فهو عبارة عن رد فعل الجسم لأي تغيير يتطلب تكيفاً أو استجابة، ويتفاعل الجسم مع هذه التغيرات باستجابات جسدية وعقلية وعاطفية. وفي حين أننا نعلم جميعا أن الشعور بالتوتر ليس جيدا، فقد لا نكون على دراية بالآثار السلبية الخطيرة التي يمكن أن تحدثها هذه الحالة على صحتنا العامة.
الخرف
كشفت دراسة حديثة عن أدلة تشير إلى أن التوتر يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وسألت الدراسة، التي قادتها جامعة ألاباما، أكثر من 24 ألف بالغ عن عدد المرات التي شعروا فيها بالتوتر (الإجهاد) أو أنهم غير قادرين على التعامل مع كل ما يتعين عليهم القيام به.
ووفقا للنتائج، وُجد أن أولئك الذين أبلغوا عن مستويات عالية من التوتر كانوا أكثر عرضة بنسبة 37% للإصابة بالخرف في سنواتهم اللاحقة. وقالت الدراسة: “الإجهاد الملحوظ مرتبط بالمؤشرات الهرمونية والالتهابية للشيخوخة المتسارعة، فضلا عن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية والوفيات. كما ارتبطت بمشاكل النوم وضعف الوظيفة المناعية”.
أزمة قلبية
في ورقة بحثية نُشرت في مجلة The Lancet، وجد باحثون من جامعة هارفارد أن الإجهاد المستمر قد يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية. ويتكون البحث من دراستين واقترحتا أنه عندما تكون متوترا، فإن اللوزة (منطقة في الدماغ تتعامل مع الإجهاد) ترسل إشارات إلى نخاع العظم لإنتاج خلايا دم بيضاء إضافية.
وهذا بدوره يتسبب في التهاب الشرايين ونعلم أن الالتهاب يدخل في العملية التي تؤدي إلى النوبات القلبية والذبحة الصدرية والسكتات الدماغية. ونظرت الدراسة أيضا في التهاب الشرايين والنشاط في اللوزة لدى الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد الشديد. ووجد الباحثون علاقة مباشرة بين ارتفاع نشاط اللوزة وزيادة التهاب الشرايين.
مشاكل في الجهاز الهضمي
تؤثر اضطرابات الجهاز الهضمي على 35% إلى 70% من الأشخاص في مرحلة ما من الحياة. ويمكن أن يرجع ذلك إلى العديد من العوامل البيولوجية، لكن الإجهاد يمكن أن يلعب دورا مهما في مثل هذه الأمراض. ووفقا لمؤسسة Harvard Health، فإن نظامنا العصبي المعوي (الذي يتحكم في سلوكنا المعدي المعوي) هو دماغ ثان. وإذا كان الإجهاد في الجسم، فإن الطريقة التي يعمل بها تتغير.
وقالت المؤسسة الصحية: “بعد استشعار دخول الطعام إلى الأمعاء، تقوم الخلايا العصبية المبطنة للجهاز الهضمي بإرسال إشارات إلى خلايا العضلات لبدء سلسلة من الانقباضات المعوية التي تدفع الطعام إلى مسافة أبعد، وتقسيمه إلى عناصر مغذية ونفايات. وفي الوقت نفسه، يستخدم الجهاز العصبي المعوي الناقلات العصبية مثل السيروتونين للتواصل والتفاعل مع الجهاز العصبي المركزي”. وهكذا، نظرا لأن الإجهاد يؤدي إلى استجابة “القتال أو الهروب”، يمكن إعاقة عمليات الهضم.
وأضافت Harvard Health: “عندما يصبح الشخص متوترا بدرجة كافية لتحفيز استجابة القتال أو الهروب، على سبيل المثال، يتباطأ الهضم أو يتوقف حتى يتمكن الجسم من تحويل كل طاقته الداخلية لمواجهة تهديد محتمل. واستجابة للإجهاد الأقل شدة، مثل التحدث أمام الجمهور، قد تبطئ عملية الهضم أو تتعطل مؤقتا، ما يتسبب في آلام في البطن وأعراض أخرى لاضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية”.
زيادة الوزن
يمكن أن يؤثر الإجهاد أيضا على قدرة الشخص على الحفاظ على وزن صحي أو فقدان الوزن. ويمكن أن يكون هذا نتيجة لارتفاع مستويات هرمون الإجهاد الكورتيزول أو بسبب السلوكيات غير الصحية التي يسببها الإجهاد. وفي عام 2015، أجرى باحثون من جامعة ولاية أوهايو مقابلات مع نساء حول الإجهاد الذي تعرضن له في اليوم السابق. ثم تناول وجبة غنية بالدهون والسعرات الحرارية.
واكتشف الباحثون، في المتوسط، أن النساء اللائي أبلغن عن ضغط واحدة أو أكثر خلال الـ 24 ساعة السابقة، أحرقن 104 سعرات حرارية أقل من أولئك اللائي لم يتعرضن للتوتر. وفي عام واحد، يمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة الوزن بمقدار 5 كغ تقريبا (11 رطلا). وفي الوقت نفسه، فإن أولئك اللائي ادعين أنهن تعرضن للإجهاد كانت لديهن مستويات أعلى من الإنسولين. ويساهم هذا الهرمون في تخزين الدهون.
اكتئاب
على مر السنين، بحثت العديد من الأوراق البحثية في الصلة بين التوتر والاكتئاب. ويتفق الخبراء على أن الإجهاد العاطفي يمكن أن يلعب دورا في التسبب في الاكتئاب أو أن يكون أحد أعراضه. ووفقا لعلم النفس اليوم، فإن “التوتر له تأثيرات مباشرة على الحالة المزاجية ويمكن أن تشمل الأعراض الأولية المبكرة لانخفاض الحالة المزاجية التهيج واضطراب النوم والتغيرات المعرفية، مثل ضعف التركيز”.
Post comments (0)