أجمع المشاركون في ندوة دولية حول “الهجرة، مقاربة شاملة لتنمية مستدامة” انتظمت الجمعة بمدينة الثقافة بالعاصمة، على أن ظاهرة الهجرة قد شهدت خلال السنوات الأخيرة متغيرات عديدة تفرض تغيير الاستراتيجيات المحلية والدولية لمعالجتها، مؤكدين ضرورة البحث عن آليات فعالة لتحويل هذه الظاهرة من أزمة إلى فرص للتنمية والاستثمار في الطاقات البشرية.
ودعوا خلال هذه الندوة التي تندرج ضمن الأنشطة الموازية لمؤتمر طوكيو الدولي حول التنمية في افريقيا “تيكاد 8” الذي تحتضنه تونس يومي 27 و28 أوت الجاري، إلى وضع مقاربة شاملة لتنظيم ظاهرة الهجرة المنظمة وغير المنظمة تشمل الجوانب الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التنموية وتحترم بالخصوص الجانب الانساني لهذه الظاهرة.
وقال رئيس الهلال الأحمر التونسي عبد اللطيف شباو “لقد آن الأوان لمعالجة ظاهرة الهجرة ضمن مقاربة تشاركية مع بقية الدول الافريقية خاصة وأن تونس لم تعد فقط مصدرا لليد العاملة بل أصبحت بلدا مستقبلا للمهاجرين من الدول الافريقية باعتبارها بوابة للقارة الاوروبية”، مشيرا إلى إمكانية الاستفادة من تجربة الدول الاوروبية بعد الحرب العالمية الثانية على غرار إحداث اللجنة الحكومية الدولية.
وأكد ضرورة اعتماد مقاربة تشمل الجانب التنموي الاقتصادي بالخصوص لمعالجة هذه الظاهرة، مبينا أن الاتحاد الافريقي يعمل على هذه المسألة منذ سنة2003 من خلال إيجاد آليات وتوفير إطار سياسي في البلدان الافريقية، تم وضعه سنة 2006 والعمل به ثم تقييمه بعد عشر سنوات، وهو ما فرض مراجعته في اطار استراتيجية 2018 و2030، وذلك في ظل التغيرات التي شهدتها موجة الهجرة خلال السنوات الماضية.
وفي هذا الإطار لفتت ممثلة هيئة الامم المتحدة للمراة والمساواة بين الجنسين بيغونيا لاساغباستر إلى أن خصائص الهجرة قد تغيرت حيث تتحمل اليوم عائلات بأكملها المخاطر على قوارب الهجرة للمرور إلى الضفة الأخرى من المتوسط وتنتهي أغلب هذه الرحلات بمآسي انسانية، مشيرة إلى ارتفاع عدد النساء واللأطفال المهاجرين وضرورة وضعهم ضمن أوليات المقاربات المعتمدة لمعالجة ظاهرة الهجرة.
من جهته اعتبر الأستاذ الجامعي الباحث في التاريخ المعاصر فوزي السعداوي أن موضوع الهجرة هو موضوع مركب تتداخل فيه العديد من العوامل وأن تأثيراتها وانعكاساتها أيضا يتم تفسيرها بالمتغيرات التاريخية وتكون لها آثار مدمرة على بلد المنشأ أو بلد الاستقبال ولا بد من إعادة قراءتها في إطار المتغيرات وإيجاد استراتيجيات متكاملة وشاملة لحلها انطلاقا من الظروف التي أوجدتها في بلد المنشأ.
أما الاستاذ صالح الحناشي رئيس جمعية أطلس وسفير سابق لتونس بطوكيو فقد أكد ضرورة استغلال الجالية والمهاجرين لا كمصدر للعملة الصعبة فقط، بل بالاتصال بها وجعلها جسرا للتعاون مع بلدان الاستقبال عبر مشاريع ومؤسسات اقتصادية وتنمية العلاقات البحثية والتكنولوجية.
وبينت الدكتورة في علم الاجتماع والسكان ايمان الكشباطي في مداخلة حول “الهجرة والنوع الاجتماعي” ان حركة الهجرة في القارة الافريقية شهدت خلال السنوات الاخيرة ارتفاع نسبة المهاجرين من النساء ومن الاوساط الريفية واليد العاملة الموسمية، موضحة انه بالنسبة للقارة الافريقية فإن 47 بالمائة من العدد الجملي للمهاجرين الدوليين هم من النساء.
ولفتت الى أن تجربة الهجرة تأثرت بالادوار والعلاقات وعدم المساواة بين الجنسين، مضيفة إن النموذج التقليدي للهجرة الداخلية والخارجية في افريقيا والذي يهيمن عليه الذكور أصبح أكثر تأنيثا وأصبحت النساء الافريقيات يتنقلن بحرية أكبر وخاصة لأسباب اقتصادية وتعليمية ولتطوير المهارات المهنية.
وأوصت بتركيز وكالة افريقية للاعتماد تكون مهمتها تطوير ومراقبة مؤشرات جودة التعليم بهدف توسيع حركة تنقلات الطلبة عبر القارة اضافة الى القيام ببحوث حول ديناميكية النوع الاجتماعي في مجال الهجرة مما سيمكن من الاستجابة للحاجيات الخصوصية للمهاجرين والمهاجرات.
كما دعت إلى اتخاذ اجراءات فعالة من أجل مكافحة استغلال المهاجرين وتعرضهم لممارسات اخرى غير قانونية وتوفير معاملة عادلة وتيسير الولوج للقضاء في سياق اليات مرتبطة بحقوق الانسان والنساء والرجال والاطفال ضحايا الاستغلال والعبودية الجنسية، مشددة على ضرورة بلورة سياسة افريقية مشتركة للهجرة وتوافق حول استقبال المهاجرين ترتكز على الجانب التنموي اكر من الجانب الامني.
يشار الى ان الندوة الدولية حول “الهجرة، مقاربة شاملة لتنمية مستدامة” التأمت ببادرة من الإدارة العامة للعلاقة مع المجتمع المدني برئاسة الحكومة والهلال الأحمر التونسي وبالشراكة مع هيئة الامم المتحدة للمرأة والمساواة بين الجنسين.
وات
Post comments (0)