ضمن مشروع وطني نموذجي تبنّته وزارة الشؤون الثقافية لإحياء موقع التوفاة بقرطاج وتثمينه وفي إطار اتفاقية شراكة بين المعهد الوطني للتراث والمدرسة الفرنسية بروما، تلتئم تربصات تكوينية بصفة دورية في علم الأحياء الأثري قصد دراسة محتويات الجرار النذرية من بقايا عظام الأطفال الرضع وبقايا عظام الحيوانات المكتشفة في التوفاة، ويشارك فيها طلبة تونسيون وأوروبيون.
وتهدف الدراسة إلى جمع أكثر قدر ممكن من المعطيات العلمية تهم تحديد سنّ الأطفال وتوزيع بقايا عظامهم في الجرار لتغذية النقاش العلمي حول موضوع قرابين الأطفال: هل يتم التقرب بهم، أحياء أم أمواتا، للآلهة بعل حامون وتانيت؟
ويصنّف المؤرخون معبد توفاة قرطاج Tophet de Carthage بأنه فضاء مقدّس مخصص للآلهة تانيت وبعل حامون يحتوي على مجموعة من النصب النذرية أو الجنائزية ويعتبر من أهم المعالم الفينيقية والبونية بقرطاج وبالحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، وقد شهد هذا الفضاء منذ اكتشافه سنة 1921 العديد من الحفريات التي قامت بها البعثات الأجنبية خلال فترة الاستعمار وإلى حدود السبعينات.
وبالرغم من العديد من الاكتشافات الهامة كالنقائش والجرار النذرية لم تعمل هذه البعثات على تثمين المعلم وتهيئته بل قامت بنقل الآثار المنقولة إلى المخازن الأثرية التونسية والأجنبية دون ترك أرشيف يُستند عليه لفهم ودراسة وجرد مختلف مكوناته ولقاه.
وسعيا إلى مزيد التعمق في فهم خصائص هذا الفضاء المقدس ولمختلف مكوناته وللطقوس الدينية التي مارسها القرطاجيون به، شرع فريق من الباحثين ومحافظين من المعهد الوطني للتراث وطلبة من الجامعة التونسية في تنفيذ بحفريات أثرية جديدة بنهج يوغرطة منذ سنة 2014، حيث تبين أنه يمتد على مساحة أكبر ليصل إلى حدود الشاطئ، كما تم اكتشاف العديد من اللقى الأثرية المهمة والتي بلغ عددها حوالي 760 جرة إلى جانب خمس قطع نقدية ذهبية تعود للقرن الثالث قبل الميلاد وذلك بتاريخ 11 أوت 2023.
يُمكّن هذا التربص من كتابة جزء مهم من تاريخينا والوقوف على خصائص مدافن التوفاة، أحد أهم مكوّنات موقع قرطاج المسجل بقائمة التراث العالمي لليونسكو منذ 1979 .
وزارة الشؤون الثقافية
Post comments (0)