تحقيقات “أنا يقظ”، المساكن الاجتماعيّة: “مسكن مسكّر ولا والي يبحث”: وردت على منظّمة “أنا يقظ” جملة من المعطيات والوثائق الّتي تتعلّق بملفّ المساكن الاجتماعية المنجزة عن طريق الباعثين العقاريين الخواص في إطار القرض الميسر من الصندوق السعودي للتنمية الّذي يهدف إلى بناء 4650 مسكنا اجتماعيّا والّذي تبلغ قيمته 150 مليون دولار (450 مليون دينار). وحيث تبيّن المعطيات أنّ أغلب المساكن الاجتماعية جاهزة منذ سنة 2018 وتدفع من ميزانية الدّولة (بفوائض على القرض) وتتحمّل كلفتها الأجيال القادمة وذلك لتراخي وزارة التجهيز في تسلّم المشاريع من الباعثين العقاريين، هذا دون اعتبار 3700 مسكنا بقيمة 200 مليون دينار بتمويل مشترك بين ميزانية الدولة وحكومة قطر والّتي رفضت وزارة التجهيز تسلّم 890 مسكنا جاهزا منها بعمر المختار، سيدي حسين السّيجومي. وحيث على ضوء المعطيات الواردة عقدت منظمة “أنا يقظ” اجتماعات مع الوزارات المتداخلة في الملفّ: وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزنزري وأعضاء ديوانها ورئيس ديوان وزير الشؤون الاجتماعية رفيق بن ابراهيم من جهة أخرى والمتفقد المركزي بوزارة الدّاخلية محمد القزاح والمدير العام للشؤون الجهوية بالنيابة وذلك في محاولة منّا لإيجاد حلول عمليّة لملفّ المساكن الاجتماعية غير أنّه تبيّن إثر الاجتماعات المتعددة غياب الرغبة السياسية في حلّ الملفّ وضبابيّة جعلت كلّ وزارة تلقي بتهمها على الأخرى، وعليه يهمّ “أنا يقظ” أن تكشف للرأي العام ما توصّلت إليه:
حسب وزارة الشؤون الإجتماعيّة فأنّ غياب قائمات المنتفعين يرجع إلى تهرّب الولّاة من تحمّل المسؤولية وخاصّة خوفهم من المساءلة والتتبّعات القضائية وما قد يفتح ضدّهم من تحقيقات لما قد يشوب القائمات من فساد بالإضافة إلى تخوّفهم من الاحتجاجات في صفوف المواطنين؛
من جملة 4650 مسكنا اجتماعيا لم يتمّ تسليم سوى 405 مسكنا في ولايتين فقط وهما ولايتي القيروان (المنار) وجندوبة (غار الدماء ووادي المليز) وذلك لغياب قائمات المنتفعين أساسا الّتي ترجع مسؤوليّة إعدادها إلى لجان جهويّة يترأّسها الولّاة في كلّ من منّوبة وأريانة وبن عروس و زغوان وسوسة ونابل وسليانة والكاف وهو ما أدّى إلى تردّي وضعيّة المنازل بعوامل الرطوبة بالإضافة إلى اقتحامها من قبل مواطنين مثل مساكن النفيضة وتمّ إخراجهم بالقوّة العامة؛
عدد مطالب الانتفاع بالمساكن الاجتماعيّة يقدّر بـ 234.000 مطلبا منذ 2012 في حين أنّ المشروع يتعلّق بإنجاز 4650 مسكنا فقط وحيث أنّ التّأخير في توزيع المساكن جعل الوضعيّة الاجتماعيّة للمتقدّمين بمطالب للحصول على المساكن الاجتماعيّة تتغيّر ولم تعد مطابقة مع الواقع بالإضافة إلى ظهور محتاجين جدد دون أن تمكينهم من تقديم مطالب جديدة للانتفاع بالمساكن الاجتماعية.
وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزنزري، الّتي سبق وأن صرّحت بتاريخ 26 سبتمبر 2022 لإذاعة جوهرة اف ام خلال زيارة قامت بها صحبة سفير الإتحاد الأوروبي بتونس وسفير فرنسا بأنّ “مشروع السكن الاجتماعي فاشل وإهدار للمال العام” في مقارنة بمشروع تأهيل 203 مسكن بقيمة 6 مليون دينار بتمويل مشترك بين ميزانية الدولة التونسيّة والوكالة الفرنسية للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار وهو مبلغ يعادل تقريبا مصاريف الصيانة والحراسة فقط (5مليون دينار) للمساكن الاجتماعية المنجزة في إطار القرض الميسر السعودي والّتي تدفع من ميزانية الدّولة (بفوائض على القرض)، تتحمّل مسؤوليّة تراخي وزارة التجهيز في تسلّم المشاريع من الباعثين العقاريين خاصّة وأنّها صارت بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 273 لسنة 2022 مؤرخ في 14 مارس 2022 تترأس “لجنة قيادة برنامج السكن الاجتماعي”؛
اللقاءات الّتي جمعت منظمة أنا يقظ بكلّ من وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزنزري ومديرة وحدة السكن الاجتماعي منية بصير (قبل إنهاء مهامها) ومدير ديوان وزارة الشؤون الاجتماعية رفيق بن ابراهيم والمتفقد المركزي لوازرة الدّاخليّة محمد القزاح والمدير العام للشؤون الجهوية بالنيابة كشفت عن تضارب صارخ في الأقوال بين مختلف الوزارات المتداخلة إذ أنّ كلّ وزارة تلقي باتهاماتها وفشل المشروع على الوزارات الأخرى: إذ نجد وزارة التجهيز تصرّح للمنظمة بأنّ التثبت من القائمات يتمّ على مستوى مركزي ويعدّ من مشمولات وزارة الشؤون الاجتماعية باعتبارها الجهة المسؤولة على إجراء تقاطعات في ملفّات المطالبين بالانتفاع بالمساكن الاجتماعيّة مع مختلف الهياكل مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية في حين تُرجع وزارة الشؤون الاجتماعية نفس هذه المهمة لوزارة التجهيز الّتي لديها تطبيقة إسناد نقاط للمنتفعين حسب الأولويّة (Système de Scoring) ليبقى في النهاية البرنامج عالقا والقائمات غير جاهزة رغم أنّه من بين شروط الصفقة إعداد قائمات المنتفعين قبل الانطلاق في أشغال البناء حتّى يأخذ المقاولين احتياجات وخصوصيات المتساكنين بعين الاعتبار في تهيئة الفضاءات.
وتذكّر السيّد رئيس الجمهوريّة بالعائلة الّتي اصطحبها إلى القصر يوم 13 أوت 2022، والّتي كانت تسكن على وجه الفضل أنّه هنالك مئات الآلاف ينتظرون القائمات.
انا يقظ
Post comments (0)