تحيي تونس، في الخامس عشر من شهر أكتوبر، اليوم العالميّ للمرأة الريفيّة، معزَّزة بإرادة وطنيّة حقيقية للنّهوض بأوضاع النّساء والفتيات في الوسط الرّيفيّ وبحرص رئاسي على أولوية البعد الاجتماعي في تدخلات الدولة، وذلك اعترافا بمكانتهنّ ودورهنّ في التّنمية وتأمين الأمن الغذائي، وإيمانا بواجب التّعاطي الاستراتيجيّ والفاعل مع خصوصيّتهنّ، مع الحرص على تمييزهنّ ايجابيّا بإيلائهنّ أولويّة التّدخّل في مختلف السّياسات والبرامج التّنمويّة الوطنيّة.
وتؤكد الاحصاءات الدّيمغرافيّة، تطوّر عدد النّساء في المناطق الرّيفيّة إلى 1.78 مليون امرأة أي 32% من مجموع النّساء و50,4% من إجماليّ سكّان الرّيف في تونس. كما تمثّل النّساء في الوسط الرّيفي 70% من مجوع اليد العاملة في القطاع الفلاحي، إلا أنّهن لا يمثلنّ سوى 15% من القوّة العاملة القارّة و8% من عدد المشغّلين.
تنطلق وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ اليوم في إعداد استراتيجيّة وطنيّة جديدة للتّمكين الاقتصادي والاجتماعي للنّساء في الوسط الرّيفي في أفق 2030 تأخذ بعين الاعتبار التّغيرات الاجتماعيّة والمناخيّة والاقتصاديّة والدّيمغرافيّة وتتداخل في تنفيذها جميع الهياكل. اعترافا ّبالدّور الاستراتيجيّ للنّساء والفتيات في الوسط الريفي في ضمان الأمن الغذائي وحماية المناطق الريفيّة من التّصحّر البيئي ، وتأكيدا لمركزية دورهن في مسار التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة وتقويةً لصمودهنّ والانتقال بهنّ من الهشاشة إلى الصمود الاقتصادي ورحاب المبادرة والإنتاج رفعا لجميع أشكال التّمييز والتّهميش والهشاشة الاجتماعيّة والاقتصاديّة عنهنّ ومساعدتهنّ على النّفاذ إلى دوائر الإنتاج والانتاجيّة،
فلئن ميزتهنّ هذه السنة الجارية الوزارة ايجابيّا عبر تمكين 276 عاملة فلاحة منهنّ، عبر بعث مشاريع حياة في مختلف برامجها للتّمكين الاقتصادي فإنّ الوزارة ارتأت وضع مشروع نموذجيّ خاصّ يهنّ إذ أطلقت هذه السّنة برنامجا جديدا نموذجيّا للتّمكين الاقتصادي لفائدة عاملات الفلاحة لتوفير موارد رزق خاصّة بالعاملات الفلاحيّات الموسميّات في تجربة نموذجيّة شملت 75 منتفعة بكلّ من ولايتي سيدي بوزيد والقيروان تُنفّذ قبل موفّى 2023 على أن تشمل العاملات الفلاحيّات الموسميّات بمعتمدية حاسي الفريد بولاية القصرين. سنة 2024
ولتجنيب النّساء والفتيات في الوسط الرّيفي من التّبعات السّلبيّة للتّغيّرات المناخيّة وضعت وزارة الأسرة والمرأة بالشّراكة مع وزارة البيئة، الخطّة الوطنيّة حول المرأة والتّغيّرات المناخيّة في أوت 2022 لضبط أولويّات التّدخّل ومجالاته لفائدة هذه الفئة من النّساء التي تتأثر أكثر من غيرها بالتّغيرات المناخيّة.
كما دعّمت الوزارة المشاريع النّسائيّة المعتمدة على سلاسل القيمة في المنتجات الفلاحيّة أو تحويلها أو الصّناعات التّقليديّة بإحداث ودعم 34 مجمعا تنمويّا فلاحيّا نسائيّا يضمّ 1076 باعتمادات قُدّرت بــ 1,860 م.د منخرطة تمّ إدماجهنّ في الحياة الاقتصاديّة على المستوى المحلّي والجهوي. ولم يغب عن الوزارة صعوبة التّسويق لمنتوجات المجامع أمام كمّ المنافسات فرُفعت الرّهانات… وذلّلت الصّعوبات بالتّنسيق مع الاتّحاد التّونسي للصّناعة والتّجارة والصّناعات التّقليديّة والغرفة المهنيّة للمساحات التّجاريّة وتمكّنت المنخرطات بالمجامع من تسويق منتجاتهنّ بالمساحات التّجاريّة الكبرى خلال شهر رمضان الماضي.
وتوسيعا لقاعدة المستفيدات من النّساء والفتيات في الوسط الرّيفي وتثمينا لأفضل الممارسات وامتدادا لبرنامج رائدة تمّ بعث البرنامج الجديد رائدات، عبر إحداث خطوط تمويل يتمّ تنفيذها بالشراكة مع البنك التّونسي للتّضامن وبنك تمويل المؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة والبنك الوطني الفلاحي. وقد تضمّن برنامج رائدات 07 خطوط تمويل استجابة لمختلف حاجيّات الباعثات، من ذلك الخطّ التّمويلي رائدات فلّاحات الذي موّل 140 مشروعا نسائيّا فلاحيّا بكلفة استثمار تقدّر بـ1,5مليون دينار، ويصل سقف التّمويل إلى 300 ألف دينار، مع تمويل مشاريع متناهية الصّغر إلى حدود 10 آلاف دينار دون فوائد عبر خطّ “رائدات ذات الأولويّة” إلى جانب الخطّ التّمويلي رائدات فلّاحات.
و في إطار برنامج التمكين الاقتصادي للأسر ذات الوضعيّات الخاصّة الرامي إلى دعم الأسر الهشّة ومحدودة الدخل في المناطق الحضريّة والرّيفيّة وخلق موارد رزق وبعث مشاريع صغرى ومرافقة الأسر المنتفعة للمحافظة على موارد رزقها بما يعزّز استقرارها وقدرتها على التنشئة السليمة والمتوازنة لأبنائها تمّ خلال الفترة الممتدة بين ديسمبر 2022 إلى أوت 2023 إحداث 1066 مورد رزق 80 % منها انتفعت بها نساء معيلات لأسرهنّ.
وقد توصّلت الوزارة إلى خلق 1098 مورد رزق في إطار مشروع التّمكين الاقتصادي لأمّهات التّلاميذ المهدّدين بالانقطاع المدرسي في المناطق الرّيفيّة وبلغ عدد التّلاميذ النّاجين من الانقطاع 4432 تلميذا وهو برنامج انطلق من المناطق الريفيّة ليشمل اليوم جميع ولايات الجمهوريّة باعتمادات فاقت 4 مليون دينار .
ولاحتضان التّلميذات في الوسط الرّيفي في أوقات ما بين الدّراسة وحمايتهنّ من التّسرّب والانقطاع المدرسيين جهّزت الوزارة 37 قاعة متعدّدة الاختصاصات بالمؤسّسات التّربويّة ضمن المشروع الوطني المندمج متعدّد الأطراف لمقاومة الانقطاع المدرسي لدى الفتيات في المناطق الريفيّة.
و تقريبا للخدمات من الأسر بالمناطق الحضريّة والريفيّة تم بعث مراكز الإرشاد والتوجيه الأسري بولايات أريانة وباجة وجندوبة بهدف تقديم خدمات التوجيه والإرشاد النفسي والصحي والقانوني والاجتماعي لفائدة الأسر. وقد انتفع بخدمات مراكز حي التضامن وباجة وجندوبة أكثر من20 ألف أسرة مع العمل على تعزيز الخدمات لفائدة الأسر بفتح مركز جديد للإرشاد والتوجيه الاسري بولاية تطاوين.
كما تم وضع برنامج التمكين الاجتماعي للأسر بهدف حثّ كافة مكونات الأسرة على تبني أفكار وسلوكيات ومهارات إيجابية بهدف حمايتها ووقايتها وتنمية قدراتها وضمان توازنها. وقد استفاد من البرنامج أكثر من 68 ألف أسرة بـ15 ولاية وهي سليانة والقصرين وقابس وسيدي بوزيد وجندوبة والكاف والقيروان والمهدية وتوزر وصفاقس وقبلي ومدنين وسوسة واريانة والمنستير. وشمل الانتفاع بخدمات التأهيل للحياة الزوجية أكثر من 5 آلاف شاب وشابة، وقرابة 48 آلاف أسرة بخدمات التربية الوالدية والتنشئة الاجتماعية أسرة وأكثر من آلفي مستفيد بخدمات التوعية والتثقيف والإرشاد والتوجيه وقد تجاوز عدد المستفيدين في مجال الوقاية من السلوكيات 11 ألف مستفيد.
وباعتبار التلازم بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي أحدثت الوزارة فضاءات متعدّدة الاختصاصات لفائدة النّساء والفتيات في المناطق الرّيفيّة تلبية لحاجتهنّ إلى تقريب الخدمات بجميع أنواعها بما ييسر اندماجهنّ الاقتصادي والاجتماعي من خلال فتح وتهيئة وتجهيز ثلاثة فضاءات متعدّدة الاختصاصات لفائدتهنّ في كلّ من قطب الإشعاع بعين البيّة من معتمدية فرنانة بولاية جندوبة وبوعمران من معتمدية القطار بولاية قفصة وجزّة من معتمدية تاجروين بولاية الكاف وهي فضاءات تؤمّن خدمات الإنصات والتّوجيه والإعلام والتّوعية والتّثقيف القانوني والإرشاد في المجالين الصّحّي والاجتماعي وتساهم في نشر ثقافة المواطنة ودعم روح المبادرة والعمل الجماعي إلى جانب خدمات التّرفيه والتّنشيط الثّقافي.
وتؤكد الوزارة بأنّ جميع هذه المشاريع تنتصر لحقّ النّساء الكادحات في الوسط الرّيفي لإخراجهنّ من الهشاشة إلى قوّة الفعل والإنتاج. ولئن تسنّى بفضل مختلف آليّات التمكين الاقتصادي للمرأة إحداث أكثر من 4500 مشروع نسائيّ جديد، فإنّ هذا الجهد الوطني سيتواصل وسيتعزّز مستقبلا بأكثر إصرار والتزام على النهوض بأوضاع النساء والفتيات في الوسط الريفيّ باعتبار أن هياكل الدولة مجتمعة تضع باقة من الخيارات والبرامج تتوزع ما بين تمويل المشاريع الفردية وإحداث المجامع وإحداث الشركات الأهلية وكلها آليات لتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الاقتصادية.
وزارة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السنّ
Post comments (0)