أصدرت ثلاث وكالات في الأمم المتحدة يوم الجمعة 31 ماي 2023 تحذيراً شديداً من أنَّ جميع المؤشرات تدلّ على تراجع كبير في وضع التغذية للأطفال والأمهات في السودان.
أجرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية مؤخراً تحليلاً أكّد على أنَّ الاقتتال الراهن يفاقم العوامل المحرّكة لسوء التغذية بين الأطفال. ومن بين هذه العوامل نقص إمكانية الحصول على الأغذية المغذية ومياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، وازدياد خطر الإصابة بالأمراض. كما يفاقم في هذا الوضع التهجيرُ الهائل للسكان إذ فرّ عدد كبير منهم من مناطق النزاع. وتواجه السودان خطراً متزايداً باطراد بوقع مجاعة بسبب النزاع، التي ستؤدي إن وقعت إلى تبعات كارثية، منها خسائر في الأرواح وخصوصاً بين الأطفال الصغار.
وبلغ سوء تغذية الأطفال في السودان مستويات الطوارئ. ففي وسط دارفور، يُقدَّر أنَّ 15.6 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية شديد، بينما تصل النسبة إلى 30 بالمئة في مخيم زمزم. وقد تفاقم الوضع في الأشهر الأخيرة، وليس من دلائل على حدوث أي تحسن في ظل استمرار النزاع والإعاقة الشديدة للوصول الإنساني. إنَّ سوء التغذية الشديد يهدد الأرواح، إذ تزيد أرجحية وفاة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بـ 11 ضعفاً عنها بين الأطفال الذي يتلقون تغذية جيدة. كما أنَّ سوء التغذية والأمراض يؤججان بعضهما البعض، إذ من الأسهل أن يعاني الأطفال المرضى من سوء التغذية، ومن الأسهل أيضاً أن يقع الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية فريسة للأمراض ومن ثم يعانون مآلات أسوأ. وحتى عندما يتعافى الأطفال، يمكن أن يترك سوء التغذية تأثيرات تمتد مدى الحياة على تطورهم البدني والإدراكي. وتخاطر السودان بخسارة جيل كامل، وما ينطوي عليه ذلك من تبعات جسيمة على مستقبل البلد.
تُعتبر مستويات سوء التغذية مقلقة بصفة خاصة بين النساء الحوامل والمرضعات. فعلى سبيل المثال، وجدت فحوص أجرتها منظمة ’أطباء بلا حدود‘ في مخيم زمزم بشمال دارفور في الشهر الماضي أنَّ أكثر من 33 بالمئة من النساء الحوامل والمرضعات يعانين من سوء التغذية، مما يدلّ على أنه من المرجح أن يضحين باحتياجاتهن من أجل إطعام أطفالهن. ويشكل هذا الوضع خطراً هائلاً على صحة الأمهات وعلى صحة الجيل المقبل من أطفال السودان، إذ أن ما يصل إلى 30 بالمئة من سوء التغذية بين الأطفال يبدأ في أثناء تشكّلهم في الرحم، لذا من المرجح أن الأطفال المولودين لأمهات يعانين من سوء التغذية سيعانون هم أنفسهم من سوء التغذية أيضاً.
وتؤثر هذه الحرب المستمرة منذ سنة تأثيراً شديداً على تقديم الإمدادات الإنسانية، مما يترك عدداً لا يحصى من النساء والأطفال دون إمكانية الحصول على الدعم الغذائي والتغذوي الحيوي. وقد ظلت الوكالات المذكورة تكافح لإيصال المنتجات المغذية إذ يعيق العنف الجاري والإجراءات البيروقراطية الوصول إلى المناطق المتأثرة بالنزاع.
وقد دعت الوكالات الثلاث، اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، إلى توفير إمكانية وصول إنساني فورية ومن دون إعاقة إلى المجتمعات المحلية التي تعاني من أسوأ تأثيرات هذا النزاع الوحشي والممتد زمنياً، وذلك عبر جميع نقاط العبور الممكنة والمسارات عبر الحدود مع البلدان المجاورة، إضافة إلى تهدئة الأوضاع في الفاشر والتوصل إلى وقف لإطلاق النار على المستوى الوطني.
المصدر:منظمة الصحة العالمية
Post comments (0)