ندرك جميعاً الفوائد البدنية الكبيرة التي يمنحها صيام شهر رمضان المبارك بدءاً من خسارة الوزن إلى ضبط مستويات سكر الدم والكولسترول وتحسين حساسية الأنسولين. إلا أنَّ كثيراً منا يجهل الجوانب الإيجابية الكبيرة التي تقدّمها هذه المناسبة السنوية على المستوى النفسي، لا سيما في ظل العيش بوتيرة سريعة بسبب أنماط العمل والحياة المعاصرة.
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة رشا عباس استشارية الطب النفسي في مركز هيلث بلاس للسكري والغدد الصماء: “أظهرت الدراسات أنَّ الصيام يزيد من إنتاج عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ، وهو بروتين يعزز نمو الخلايا العصبية في الدماغ وبقاءها على قيد الحياة. وقد يساعد ذلك على تحسين الوظائف الإدراكية وتقليل مخاطر الاضطرابات العصبية مثل مرض الألزهايمر ومرض باركنسون. ويساهم الصيام أيضاً في الحد من القلق والاكتئاب”.
وأضافت: “يعزز الصيام من قدرة الجسم على ضبط النفس وتحمل التوتر، ويحسّن استجابته وقدرته على التعامل مع الضغوطات، فيساهم في تقليص أثر الإجهاد على الصحة العقلية. وبخلاف ما يعتقد الكثيرون، يساعد الصيام على تحسين المزاج بسبب زيادة نسبة الناقلات العصبية، كمادة السيروتونين، فيؤدي إلى تعزيز توازن الحالة المزاجية. على أنَّ أغلب حالات التغير السلبي في المزاج تكون عند الذين يعانون من أعراض انسحاب النيكوتين أو الكافيين أو بسبب الإجهاد الناتج من عدم تنظيم ساعات النوم”.
وللصيام أيضاً فائدة أخرى وهي تحقيق الاستشفاء الذاتي، وأوضحت ذلك الدكتورة رشا عباس بقولها: “يضع الصيام جسمنا ضمن عملية تجديد شاملة، فيمنحنا شعوراً بالرضا الذاتي وإحساساً بالإنجاز. ثمَّ إنَّ تقوية الجانب الروحي بالعبادات المختلفة وتعزيز الجانب الاجتماعي عبر التواصل مع الأهل والأصدقاء يؤديان إلى حالة من التوازن النفسي والاجتماعي”.
وأكدت الدكتورة رشا عباس أنّه على الرغم من فوائد الصيام المذكورة، لا يزال على الصائمين اختيار طعامهم بعناية بما يناسب حالتهم البدنية والصحية. فمع أن الصيام أداة فعالة لتجديد النشاط البدني والعقلي، لكنه ليس بديلاً للأدوية الموصوفة، ولا يجب بأي شكل من الأشكال تغيير الجرعات الدوائية أو الامتناع عن تناولها خلال شهر رمضان المبارك من دون استشارة الطبيب.
Post comments (0)